بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي فتح باب الوصول إليه وجند صفوة الخلق من رسله وأنبيائه ووراثهم للدلالة عليه أشهد أنه الله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له شهادة تمتلئ القلوب بنورها ويعظم ساعة الوقوف بين يدي الله جذلها وسرورها وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين
سوف نتكلم عن تجاوز العقبات السبع في السير إلى الله عز وجل
ذكر الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى في كتابه الذي سماه منهاج العابدين في الطريق إلى جنة رب العالمين ذكر مسلكا ومنهجا للطريق إلى الله عز وجل قسم فيها مراحل السير إلى الله تعالى إلى سبع مراحل وفصل الحديث عن كل مرحلة وأورد سبع عقبات في الطريق إلى الله عز وجل وقد ذكر أن السائر إلى الله عز وجل أو ما يتحرك في قلبه انبعاث طلب الوصول إلى الله وهو خاطر رباني يقذفه الله تعالى في قلب العبد
فإذا أقبل المؤمن ليطلب السير إلى الله تقابله العقبة الأولى-العقبة هي المكان المرتفع الذي يعترض في الطريق فيحتاج الإنسان إلى الصعود ليتجاوزه
والعقبة الأولى هي: عقبة العلم, أي أنه بحاجة إلى أن يتعلم لأن السير إلى الله يتطلب معرفة, هذه المعرفة أوحى الله تعالى بها إلى أنبيائه ورسله ونقلها إلينا المؤتمنون فلا يتأتى للإنسان أن يسير إلى الله بالجهل, على الأقل يحتاج إلى أن يتعلم فرض العين من العلوم وهو مالا يسع المؤمن أن يجهله ثم يحتاج إلى شيء من التوسع في شؤن سيره إلى الله تعالى, فيحتاج إلى التعلم ليتجاوز عقبة العلم فإذا تجاوزها وأقبل يريد العبادة يريد التقرب إلى الله تعترضه العقبة الثانية
العقبة الثانية هي أنه يتذكر ذنوبه ومعاصيه والقبائح الذي ارتكبها فإذا أراد المؤمن أن يتوجه إلى الله وجد هذه العقبة أمامه (كيف أقبل على الله وأنا ملوث بالذنوب) فيحتاج إلى التوبة لأن التوبة تجب ما قبلها فإذا تاب وتحقق بصفات التوبة وأراد أن يقبل على الله تلقته عقبة ثالثة
العقبة الثالثة: هي عقبة العوائق- التي تعوق سيره إلى الله تعالى- والعوائق في السير إلى الله تعالى ثلاثة
حب الدنيا ومعناه التعلق بها على نحو يشغل عن الله
الرغبة في المكانة بين الخلق- حب الشهرة- فيرتكب الأخطاء ليرضي الناس عنه ويسخط الله تعالى
النفس الأمارة بالسوء تشغله عن الله تعالى بشهواتها ورغباتها فيحتاج إلى مجاهدتها ليصل إلى الله تعالى ويتخطاها فإذا أقبل على الله تلقته
العقبة الرابعة : هي عقبة العوارض أي الأمور التي تتعرض للإنسان فتشغله تشتته والعواض هي ما يتعلق بالخوف على الرزق كيف سآكل وكيف سأشرب غدا ينقص راتي أو اطرد, ربما أفقد تجارتي ربما الصفقة هذه تتعرض للخسارة أيضا الخوف من الأخطار التي تحصل للإنسان لا سيما في زماننا هذا زمان الفتن والمشاكل وأيضا البلايا والشدائد التي حصلت له فهي تعرض له فتشغله عن الله عز وجل وأيضا قضاء الله تعالى يعرض القضاء في أمر لم تكن قد حسبت له الحساب فكيف تتعامل معه, فيشغلك عن الله أم أنك تتجاوز الانشغال عن الله بالانشغال بالله وهذه العقبة الربعة التي تعرض للإنسان في سيره إلى الله تعالى فإذا تعداها وتخطاها تستقبله العقبة الخامسة
العقبة الخامسة: وهي تسلل الملل إليه لما طالت عليه الطريق الباعث الذي كان حيا في قلبه بدأ يضعف فيحتاج إلى ما يجدد همته ويحركها في السير إلى الله عز وجل فإذا تيسر له بفضل الله تعالى وتجاوز هذه العقبة الخامسة في سيره إلى الله ليستقبل العقبة السادسة
العقبة السادسة: القوادح وهي أمراض القلوب التي تمنع القبول مثل الرياء والعجب والكبر هذه كلها محبطات للأعمال تذهب فضل العمل وبركته ونوره فيتخل من الرياء ليتحقق بالإخلاص ويتخلص من العجب فيشهد منة الله تعالى عليه يتخلص من الكبر فيتواضع لعظمة الله كيف أعظم خلق الله أدبا مع الله سبحانه وتعالى لا أغتر بعبادتي فأسقط من عين الله تعالى فهذ الأمراض تقدح في أثر العمل على القلب فإذا عالجها وتطهر قلبه من القوادح التي تحول بينه وبين جني ثمرة الطاعة انفتحت أمامه أبواب الوصول إلى الله ودخل إلى جنة القرب يقول بعض العارفين إن لله جنة في الدنيا لا تقل لذة عن جنة الآخرة وهي جنة المعرفة بالله تعالى فإذا دخل المؤمن وهو في الدنيا جنة المعرفة بالله وأصبح وأمسى وهو في بحبوحة الأنس بالله والقرب من الله قابلته العقبة الأخيرة
العقبة السابعة: وهي عقبة الشكر كان بعض السلف يقول حبس النعمة الشكر أي أن النعمة زوالة فيحتاج الإنسان إلى حبسها لتدوم له وحبسها هو بالشكر فيحتاج المؤمن أن يفقه ما هو الشكر وكيف يشكر وماهي مراتب الشكر ثم يعمل ليتحقق بحقائق هذا الشكر فهناك شكر باللسان وهو الحمد وشكر بالأعضاء وهو الاستقامة على الطاعة وشكر بالقلب وهو الترقي في مراتب المعرفة بالله والخضوع لعظمته وهناك شكر بالروح وهو عروجها في معارج الحب لله تعالى وشكر بالعقل وهو أن توجه العقل في التدبر والتفكر وشكر بالنفس وهو ترقيها إلى الرضا إلى الكمال وهناك شكر بالذات وهو تحقق الذات بالعبودية المحضة لله تعالى
وهذه العقبات السبع المقصود من حياتنا كلها أن نتعداها فلا تأتي ساعة الموت إلى وقد نزلنا في بحبوحة الشكر لله تعالى
وهذه العقبات السبع من الناس من يحتاج إلى سنة لكي يقطعها ومنهم من يحتاج إلى عشر سنين ومن الناس من يبلغ الستين والسبعين وهو يحاول قطعها ولا يزال في الطريق ومن الناس من تطوى له في ليلة ! نعم ففضل الله سبحانه واسع وسوح جوده عظيمة لكن الذي أخرنا نحن أنا لم نوسع في قلوبنا أنوار حسن الظن بالله ولو استشعرنا حسن الظن بالله لفتح لنا أبواب فضله فتأملوا سبحان الله!!
الله تعالى جعل العديد من أسمائه متقابلة سمى نفسه العفو وفي المقابل المنتقم سمى نفسه اللطيف في المقابل الجبار المعطي في المقابل المانع النافع في المقابل الضار
ولكن سمى نفسه القريب ولم يسمي نفسه البعيد لكنه سمى نفسه العزيز ومن مقتضيات عزته أن لا يصل إليه إلا من صدق في طلب الوصول إليه لكنه قريب قال تعالى: (( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب)) صدق الله العظيم نسأل الله أن ينفعني بما كتبت وينفعك بما قرأت
انتهى بتصرف (الحبيب علي الجفري)
الجمعة، 13 أكتوبر 2017
عدة السائر إلى الله
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق